مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
خطاب الزعيم في برج البراجنة [29
 
 
 
جريدة الـجيل الـجديد، بيروت،العدد 44، 31/5/1949
 

 

(من دائرة النشر)

 

من بضعة أيام ألقى بن غوريون، رئيس وزارة دولة إسرائيل، خطاباً في حفلة أقيمت لـخريجي مدرسة الضباط العسكرية اليهودية مليئاً بالتبجح والتحدي للأمة السورية. والقسم الأول من الـخطاب ليس سوى تقليد بائخٍ لـخطاب الزعيم الرسمي الأول في أول حزيران سنة 1935، فكما أعلن سعاده في خطابه الـمذكور «إننا قد حررنا أنفسنا في الـحزب السوري القومي الاجتماعي من السيادة الأجنبية والعوامل الـخارجية، ولكن بقي علينا أن ننقذ أمتنا بأسرها وأن نحرر وطننا بكامله» كذلك أعلن بن غوريون «لـمّا نصل إلى غايتنا... فنحن لم نحرر حتى الآن غير قسم واحد من بلادنا تـحريراً كاملاً، أما الأقسام الباقية فسيكون مصيرها مصير القسم الذي تسيطر عليه قواتنا»! وينتهي بن غوريون في خطابه إلى القول إنّ اليهود تفوقوا على القـوات السـوريـة «بالقوة والـخلـق والعقـل» ويستطـرد: «سنجعـل الـحـرب حرفة يهودية إلى أن يتم تـحرير بلادنا بأجمعها وسنقاتل ما لاح لنا خطر يحول دون تـحرير تلك البـلاد، بـلاد الآبـاء والأجـداد. ستتحقق رؤيا أنبياء إسرائيل، فالشعب اليهودي بأسره سيعود إلى الاستيطان في أراضي الآباء والأجداد الـممتدة من الفرات حتى النيل»!

 

إنّ الوقـاحـة صفـة واضحـة في كـل التاريـخ والقصص والـخـرافـات اليهودية، وكذلك الاحتيال والسرقة. فاليهود سرقوا حكاية الطوفان وفكرة الله التي زعموا باطلاً أنهم هم مبتكـروهـا وانتحلـوا جميـع القصص السـوريـة الهامّة في التوراة فمسخوها ونسبوها إليهم، والآن يريدون أن يسرقوا أرضنا ويزعموا أنها أرضهم!

 

وواضح أنّ في تصريحات بن غوريون الوقحة تـحدياً للأمة السورية كلها ومَن غير سعاده يقدر أن يعطي جواب الأمة السورية على تـحدي الدولة اليهودية. وقد أعطـى الزعيـم هذا الـجـواب في خطابـه أول أمس في حفلـة منفذيـة السيدات القوميات الاجتماعيات في برج البراجنة فكان جواباً عظيماً صريحاً، قال الزعيم:)

 

 

خطاب الزعيم في برج البراجنة

 

أيها القوميون الاجتماعيون،

 

ذكّرني وذكّركم الرفيق حايك، في كلمته عن كيفية انتمائه إلى الـحزب القومي الاجتماعي، أمراً لم أكن أنساه وأعتقد أنكم أنتم أيضاً لم تنسوه ولن تنسوه. هذا الأمر هو ما أعلنته في رسالة 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1947، إذ قلت إنّ مقررات منظمة الأمـم الـمتحدة لا يـمكن أن تقرِّر مصير الأمة السورية، وإنها في كل ما يعني مصير الأمة السورية باطلة لا تـحمل إلا الظلم والعدوان على الأمة السورية وحقها في الـحياة.

 

منذ ذلك اليوم والتاريخ يدور. وفي دوران التاريخ مرّت أحداث غيّرت أوضاعاً كثيرة على هذا الـمسطح الذي يعرف بسورية الطبيعية. فقد نشأت في الـجنوب الغربي دولة جديدة هي الدولة اليهودية، ومع أنّ الدولة الـجديدة قائمة بالفعل ومع أني كنت أول من أعلن وجوب أخذ وجود تلك الدولة بعين الاعتبار، فإنّ تصريحي في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1947 لا يزال قائماً لأنه تصريح يربط إرادة أمة حية بأسرها.

 

إنـنـا قـد أعـلـنّـا بطـلان تـلـك الـمـقــررات ليـس فـقـط من الـوجـهـة الـحقـوقية الإنترناسيونية، القانونية بل من وجهة مبدأ القوة الذي يؤمن حق أمة في الـحياة.

 

تقـوم اليـوم في الـجنـوب دولـة جديـدة غريبـة كنت أترقب قيامها وأعلنت أنها ستقوم قبل أن تعلن هي عن نفسها، لأني كنت أرى التخاذل السوري سيوجدها حتماً. ولكني كما أعلنت قيام تلك الدولة أعلن اليوم محق تلك الدولة عينها.

 

إني أعلن محق تلك الدولة الغريبة ليس بقفزة خيالية وهمية، بل بـما يعدّه الـحزب القومي الاجتماعي من بناء عقدي وحربي يجعل من سورية قوة حربية عظيمة تعرف أنّ انتصار الـمصالح في صراع الـحياة يقرر بالقوة بعد أن يقرر بالـحق.

 

وهـذه الـدولـة الـجديـدة نشأت في الـجنوب بفضل تفسخ مجتمعنا النفسي، وبفضل الـمنـازعـة بيـن حكومـاتنا السـوريـة وانقسامنا بعضنا على بعض، بفضل هذه الأمـور أكثـر كثيـراً مـما هو بفضل الـمهـارة اليهوديـة الزائـفة التي يقف أحد أبطالها اليوم يدَّعي أنها هي، ونحن نعرف ما هي وما هو هزالها، التي أنشأت الدولة اليهودية.

 

إنّ الدولة اليهودية لم تنشأ بفضل الـمهارة اليهودية ولا بشيء من الـخلق والعقل اليهوديين، إذ لا توجد لليهود قوة خلاّقة. بل بفضل التفسخ الروحي الذي اجتاح الأمة السورية، ومزق قواها وبعثر حماسها وضربها بعضها ببعض، وأوجدها في حالة عجز تـجاه الأخطار والـمطامع الأجنبية.

 

تلك الدولة الـجديدة تقف اليوم متحدية، يعلن أحد أقطابها أنها تستعد حربياً لتملك بقية أرض يحدّدها ما بين الفرات والنيل. نحن في الـحزب القومي الاجتماعي كنا نعلم مدى مطامع الـخيالات اليهودية الوقحة. وقد حذّرنا من هذه الـخيالات العناصر والفئات التي كانت تـملك في سياسة الوطن أكثر مـما نـملك نحن، هذا الـحزب الـجديد الناشىء الفتي. أخبرنا تلك الفئات، ونحن موقنون بأنهم لن يأخذوا تـحذيرنا بـما يستحق من الاعتبار. لكننا حذّرنا كي لا يقال إننا لم نحذّر ولم ننبّه. إنّ تلك الفئات لم تكن مؤهلة لقيادة شيء من الـمصير القومي. إنها لم تكن تـمثّل إرادة قومية. إنها لا تـمثّل اليوم إرادة قومية. إنها لا تـمثّل إلا خصوصياتها الـحقيرة التي لم ينتصر اليهود في شبر من الأراضي السورية إلا بفضلها هي.

 

إنّ اليهود قد انتصروا في الـجنـوب على يهودنـا نحن، ولم ينتصروا على حقيقة الأمة السورية ولن ينتصروا على حقيقة الأمة السورية (تصفيق وهتاف شديدان).

 

إنّ محـق الدولـة الـجديـدة الـمصطنعـة هو عمليـة نعرف جيداً مداها. إنها عملية صراع طويـل شـاق عنيف يتطلب كل ذرّة من ذرّات قوانـا، لأنّ وراء الدولة اليهودية الـجديدة مطامع دول أجنبية كبيرة تعمل وتساعد وتبذل الـمال وتـمد الدولة الـجديدة بالأساطيل والأسلحة لتثبيت وجودها.

 

فالأمـر ليـس فقط مع تـلـك الدولـة الـجديدة الـمصطنعة.إنه مع الدولة الـجديدة ومع دول عظمى وراء الدولة الـجديدة! إنه صراع طويل وشاق. ونحن نعرف جيداً أنه كذلك ونسير بهذه الـمعرفة واثقيـن مطمئنيـن وهذا الاطمئنان نفسه يعني أنّ النصر في الأخير شيء أكيد لا مفر لنا منه (تصفيق وهتاف).

 

عندما ابتدأت معارك العقلية السقيمة ضد قيام الدولة اليهودية في الـجنوب، أرسلت منفذية الـحزب القومي الاجتماعي في حيفا إلى الـمركز تطلب جواباً يعيّن موقف الـحزب من الاتـجاه الـحربي القائم، فكان جواب الـمركز أنّ الـحزب السوري القومي الاجتماعي لا يثق بالقيادات التي تسيّر القوات السورية إلى الـحرب، ولا يثق بالقضـايـا التي تسـير فيها تلك القوات، والـحزب يعرف أنّ الصفوف الأمامية التي تسيّرها تلك القيادات العاجزة والقضايا الـمائتة ستنهار لأنها صفوف غير مؤسسة في حقيقة قضية صحيحة.

 

إنّ حقيقـة قضيـة فلسطيـن هي في عقيـدة أمـة حيـة وإرادة قوميـة فاعلـة تريد الانتصار! إننا كنا نعـلـم عـلـم اليقيـن أنّ الصفـوف الأمـاميـة الـمقسمة، غير الـجديرة بالانتصار، السائرة إلى الـمجابهة بلا قضية واحدة ولا إيـمان واحد ستنكسر وتخذل في الـمعركة، ولذلك كان جوابنا لـمنفذية حيفا أننا سنستمر في مهمتنا الرئيسية تـجاه هذا الـخطر وهي: بناء الصفوف الـخلفية التالية التي ستتقدم إلى مجابهة العدو بنظامها الـمتين وعقيدتها القومية الاجتماعية الصحيحة النظامية، بعد أن تسقط الأمامية.

 

والنهضة القومية الاجتماعية تتقدم اليوم في صفوف جديرة بالانتصار، لأنّ في صفوفنا إرادة أمة حية لا أمـم في طوائف ودول، في حكومات قزمية غير جديرة بالاضطلاع بـمسؤولية تقرير الـمصير القومي.

 

نحـن مستـمـرون اليـوم في خطتنـا. إنّ الـدولـة اليهـوديـة تخرّج اليوم ضباطاً عسكرييـن، وإنّ الدولة السورية القومية الاجتماعية التي أعلنتها سنة 1935 تخرّج هي أيضاً بدورها ضباطاً عسكرييـن! ومتى ابتدأت جيوش الدولة الـجديدة الغريبة تتحرك بغية تـحقيـق مطامعهـا الأثيمـة والاستيـلاء على بقيـة أرض الآبـاء والأجـداد، ابتدأت جيوشنـا تتحـرك لتطهيـر أرض الآبـاء والأجـداد وميراث الأبنـاء والأحفاد من نـجاسـة تلك الدولة الغريبة!

 

هذا ليـس آخـر جـواب نعطيه. لأنّ الـجـواب الأخـير سيكـون في ساحـة الـحرب متى قررت القيادة القومية إعلان الـحرب!

 

حديث الزعيم إلى جريدة «العلم»

 

 

جريدة العلم، دمشق،العدد 767، 21/6/1949

 

 

 (إستقبلني الزعيم سعاده في مكان إقامته الـجديدة استقبالاً حاراً ومد يده مصافحاً وقائلاً إنك أول صحفي تـمكنت من اكتشاف مكان إقامتي، وقد قدمني إليه قائد من قواد الـحزب، وكان الزعيم رابط الـجأش باش الوجه مؤنس الـحديث، ولكن قطوبة ناعمة كانت تعلو جبهته كلما اقترب ضابط من أعوانه مسرّاً إليه ببعض الـمعلومات، وبعد تـجاذب أطراف حديث قصير لا أبيح لنفسي إذاعته، طرحت عليه الأسئلة التالية:)

 

يلح الرأي العام في طلب إيضاح نقاط أساسية في الـمعركة الناشبة اليوم بيـن الـحـزب القـومي الاجتمـاعي، والـحكـومـة اللبنـانيـة فقد أعلنت الصحف وغيرها أنّ الـحكومة تتّهمكم تهماً ثلاثاً:

 

1 - التآمر لقلب الـحكومة.

 

2 - التآمر على سلامة الـجيش والتسلح الواسع النقاط.

 

3 - تهمة الاتصال باليهود.

 

وهنا ابتسم الأستاذ سعاده وأجاب:

 

«ليست هذه أول مرة، تتهم فيها الـحركة القومية الاجتماعية تهماً متنوعة يقصد منها أن تكون سلاحـاً في يد الـمطامع الأجنبيـة كما في زمن الاحتلال الفرنسي، أو في يد الرجعييـن والنفعييـن والوطنييـن كما هي الـحال الآن مع الـمتحكميـن في مصالح الشعب اللبناني وموارده ومصيره.وليس الرجعيون الذين يحكمون البلاد اليوم بالإرهاب وخنق حرية الفكر، وضغط الإرادة العامة بقصد شلّها وإحلال إرادتهم الـخصوصية محلها إلا مقتبسيـن ومقلِّدين للأساليب التي استعملها الاحتلال الأجنبي في محاربة البعث القومي في البلاد السورية كلها محاولاً خنق النهضة السورية القومية الاجتماعية في مهدها.

 

فقد شكلت التّهم التي وجهت إلى الـحزب القومي الاجتماعي أمام الـمحكمة الفرنسيـة التي كانت تدعى الـمختلطة حين اكتشاف أمر الـحزب منذ نحو 14 عاماً لائحـة طويلـة جـداً. أهمها تهديـد سلامـة وحدة البلاد والتآمر لتغيير شكل الـحكم والتجنيد والتسليح.

 

وقد أضاف الاحتلال الأجنبي في الـمحاكمة التالية أمام الـمحكمة العسكرية الفرنسية تهمة أخرى كان قد أوعز إلى عماله لإلصاقها بنا. ألا وهي الاتصال بالألـمان والطليان، ولكن الـمحاكمات كلها أثبتت أنّ تلك التهم كانت افتراءاً قبيحاً دنيئاً على الـحركة القومية الاجتماعية. واليوم تـحاول حكومة لبنان إلصاق نفس التّهم بنا، وفي خزائن الـحزب من التقارير ما يثبت أيضاً اتصالات رجالاتها الشائنة مع اليهود وما يشكل مواد تـجريـمية هائلة.

 

إنّ الصحف اللبنانية ملأت أعمدة كثيرة بأخبار الـمهاجمة الـحكومية للحزب القومي الاجتماعي، وبـما غنمته الـحكومة من وثائق ومعلومات صارت موضع التحقيق. وقد صرّح بعض الـمسؤولين عن الاستقصاء والتحقيق في أوراق الـحزب التي وقعت في يد القوى الـمهاجمة، كما أعلنت بعض الصحف أنه لم يعثر بين الأوراق والوثائق الـمشار إليها على أية وثيقة تثبت أو تدل دلالة صريحة على تهيئة انقلاب ما، أو على خطة انقلابية.

 

فالتهمة إذن من باب التوسع في الاجتهاد، ولتبرير الاعتداء الصريح من قبل الـمتحكمين في شؤون الشعب اللبناني على [.........] الـمدنية والسياسية وعلى الـحرية [...] والاجتماع وعلى الـمبادىء القومية الاجتماعية التي يشكل انتشارها في البلاد نقضاً من الأساس للبناء السياسي الاجتماعي الـخصوصي الـمهدد للأمة بتفسخه وتداعيه بانهيار قومي ساحق، هذا الاعتداء الـمتكرر الذي يلجأ إليه الـمتحكمون كلما رأوا أنفسهم مهددين بالسقوط في الانتخابات للسلطة التشريعية في البلاد.

 

فالتنكيل بالـحركـة القوميـة الاجتماعيـة في مثل هذه الأحوال أصبح ديدن الـمتحكمين الرجعيين والنفعيين. ولتبرير التنكيل يحتاج الطغاة دائماً إلى حيلة أو خدعة والـحيلة هي اتهام الـحزب القومي الاجتماعي بهذه التهم الضخمة.

 

هذا ولم يكتشف عمال الـمتحكمين أية وثيقة يـمكن أن تعتبر دليلاً على السير في انقـلاب بالقوة، ومع ذلك فقد استمـر الاعتـداء على البـيوت الآمنة يجرّدونها من الشبـاب العامل في الإنتـاج والتعمير الذي لم يكشفوا ما يبـرر أسره وتوقيف أعماله لكسب قوت عياله. اللهم إلا مبدأ خراب الشعب لتعمير بيوت الـمتحكمين.

 

إنّ تهمة التآمر على سلامة الـجيش، هي تهمة نحن الـمدّعون العامون فيها، إنني أتهم الـمتحكميـن بـمصير الشعب اللبناني بالتآمر على سلامة الـجيش بتشكيله على أساس الطائفية والعشائرية ومحسوبية الـمتحكمين وبكسر معنوياته في فلسطين وعلى الـحدود اللبنانية، وبقبول شروط هدنة من اليهود تعرّض الـجيش اللبناني الذي هو سياج الاستقلال بالانسحاق في أية عملية حربية هجومية من قِبل اليهود.

 

أما تهمة الاتصال باليهود فإنني أتـحدى رئيس الـحكومة الـمتهادنة مع اليهود أن يعطي للنشر الوثائق الـمزعومة. فإن كانت لدى الـحكومة وثائق في صدد الاتصال باليهود فإنها ولا شك وثائق مشرّفة للحزب، ومخزية للمتحكميـن في رقاب الشعب اللبناني، وللطائفييـن الذين نـملك وثائق عديدة عن اتصالاتهم واتصالات جميع الرجعييـن والنفعييـن باليهود من بيع أراضٍ إلى بيع مصالح إلى بيع خطط سياسية في الـحكم تسهل الانتشار اليهودي ومطامع اليهود في التسلط على جنسنا السوري وعلى بلادنا الـمحبوبة.

 

إنّ خزائن الـحزب القومي الاجتماعي لـمشحونة بالتقارير والوثائق عن اتصالات النفعييـن والطائفييـن باليهود من أيام فيشر الذي لا أخال رئيس الـحكومة وعدداً من زمرة الـحكم والنفعييـن يجهلون اسمه، إلى أيام مهزلة الـحرب الفلسطينية الفاجعة التي أخرجت أبناء أمتنا في فلسطين من ديارهم وأموالهم وأعمالهم.

 

إنني أتـحدى السيد رياض الصلح أن يبرز الوثيقة التي يزعم أنها موجودة لديه أو لدى الـمحكمة العسكرية، وإنها تثبت ما يـمس شرف الغاية التي تـحملها الـحركة القـوميـة الاجتماعيـة. ولكن السيـد ريـاض الصلح وزيـر الـمتحكميـن يأخذون الناس الآمنيـن في بيوتهم بلا جريرة.

 

إنّ الذين اتصلوا باليهود ولـمصلحة اليهود هم الذين باعوا أراضٍ لليهود والذين سمسروا لبيع أراضٍ لليهود، وإنّ الوثائق التي في حوزة الـحزب القومي الاجتماعي تخوّل الـحزب استبدال التهمة التي يزعمها السيد رياض الصلح باتهام الـمتحكميـن النفعيين الرجعيين بالتعاون مع اليهود ولـمساعدة الأهداف اليهودية، ضد مصلحة لبنان ومصلحة الأمة السورية.

 

 

   تصريح الزعيم إلى جريدة «العلم»

 

جريدة العلم، دمشق،العدد 768، 27/6/1949

 

 

 (كان للحديث الذي تـمكنّا من الفوز به من أنطون سعاده زعيم الـحزب السوري القومي الاجتماعي صدى بعيد في سورية ولبنان، فعلّقت عليه الصحف اللبنانية حسب ميولها وأهوائها كما حاولت دوائر الأمن العام اللبناني أن تهتدي على ضوئه على مقر سعاده دون طائل.

 

واعتبـرت بعض الصحف والـدوائـر الـحكوميـة اللبنانيـة بعض ما جاء في حديث سعاده دليلاً جديداً على اتصال سعاده باليهود.

 

وكان هذا مـما شجعنا على إعادة الكرّة للفوز بحديث يلقي ولو بعض النور، ويروي ولو بعض الظمأ فقام أحد محرري العلـم بـمحاولة صحفية جديدة أملاً في استشفاف الـحقيقة انتهت بعد مجاهيـد كبيـرة إلى الاتصـال بزعيم الـحزب للمرة الثانيـة. وهذا هو الـحديث ننشره راجيـن أن نكون قد قمنا بجزء من الواجب نحو قراء العلـم ومناصريه).

 

س - تقول بعض الصحف اللبنانية إنكم في حديثكم السابق إلى العلم اعترفتم ضمناً بوجـود اتصال للحـزب السوري القومي الاجتماعي باليهود، ويظهر أنّ هذا البعض قد ارتكز على عبارتكم القائلة «فإذا كانت لدى الـحكومة وثائق في صدد الاتصال باليهود فإنها ولا شك وثائق مشرّفة للحزب ومخزية للمتحكمين في رقاب الشعب اللبناني وللطائفييـن الذين نـملك وثائق عديدة عن اتصالاتهم واتصالات جميع الرجعييـن والنفعييـن باليهود».. وقد قال هذا البعض إنّ عبارتكم في الـحديث الـماضي هي نفسها تشكل مستنداً لتهمة توجه إليكم وحدكم.

 

ج - هذه علامة جيدة. فالـمتحكمون والرجعيون والـخونة قد ابتدأوا يتراجعون بعـد هجـومهـم الـمتسـرع العنيـف، وهـم يتخبـطـون في تـراجعهـم كمـا تخبطـوا في هجومهم، إنهم ابتدأوا يعترفون بافترائهم على الـحزب القومي الاجتماعي الذي يريد إنقاذ البلاد من نكبة نفعييهم وخيانتهم، إنهم يتجاهلون الـحقيقة الناصعة ويحاولون أن يجدوا في تراكيب الكلام ما يساعدهم تأويله الباطل على التعويض عن خيبتهم في مهاجمتهم الواقع.

 

إنّ عبارتي واضحة في مؤداها ولا تـحتمل عند أهل الـحق أي تأويل في مدلولها البسيط، فالـمفهوم الوحيد الـمباشر لعبارتي هو أنه إذا كانت الـحكومة قد استولت على شيء من الوثائق التي في حوزة الـحزب في صدد الاتصال باليهود، فإنّ تلك الوثائق التي استولت عليها استخبارات الـحزب القومي الاجتماعي تتعلق بعلاقة غيرنا باليهود. ووجود هذه الوثائق عندنا أمر يزيد قيمة الـحرب التي نقوم بها على أعداء الأمة والوطن والداخليين والـخارجيين الذين أشرت إليهم تكراراً في خطاباتي الأخيرة.

 

فالـمغرضون لم يروا في عباراتي إلا جملة «فإذا كان لدى الـحكومة وثائق في صدد الاتصال باليهود فإنها ولا شك وثائق مشرّفة للحزب» وغضّوا الطرف عن الذين تخزيهم الوثائق لأنها تتعلق باتصالاتهم هم الـمتفقة مع اليهود.

 

إنني لم أقل: إذا كانت لدى الـحكومة وثائق في صدد اتصالنا نحن باليهود، بل قلت في صدد الاتصال باليهود من أية جهة كانت ثم عنيت في تتمة عبارتي الـجهات التي يحـوز الـحـزب القـومـي الاجتمـاعي على وثـائـق عن صـلاتها باليهـود، ولكن أهـل الباطل لا يـميِّزون بين إطلاق وتعييـن، وكثيراً ما يجعلون الـمخصص معمماً والـمعمم مخصصاً لأنهم لا يرجعون إلى حقيقة بل إلى غاياتهم الـخصوصية الدنيئة، ويكفيهم أن تلاقي اتهاماتهم الباطلة قبولاً عند أهل الباطل.

 

إذا كان بتأويل الكلام تثار التّهم بدون أي فعل أو واقع تتعلق به، فيجب حينئذٍ زج كل الناس في السجون. وأول من يجب وضعهم في السجن بسبب عباراتهم التي تثبت على الأقل دعاوتهم لليهود هو الـخائن صاحب الـجريدة الـمجتهدة في صناعة التآويل الباطلة، فهو يقول إنّ «الاتفاق» الذي استنتجته سليقته وسليقة أمثاله الشريرة من التحقيـق لم يبتـدىء اليهـود بتنفيـذه لأنهـم ينتظـرون «عـودة العلاقـات الطبيعية بين إسرائيل ولبنان» فيمكن اتهام الـجريدة الـمشار إليها بالدعاوة الـمباشرة لليهود بالتبشير «بالعلاقات الطبيعية» التي ينتظر عودتها إلى مجراها.

 

وإذا لم يرق لأهل الـخيانة والباطل إلا أن تكون عبارتي دليلاً على اتصال لنا نحن باليهود مشـرف للحـزب الـقومـي الاجتمـاعـي، فـلا بأس أن نـجاريهم في تفاسيرهم الـملتوية ونقول إنّ لنا اتصالاً باليهود مشرّفاً هو اتصال الـحرب والنار بيننا وبينهم - هو اتصال الأعداء بالأعداء، هو ما يسمونه في بعض اللغات Contact de feu  وهذا الاتصال مشرّف بلا شك وهو يختلف عن اتصالات الرجعيين النفعيين الـمخزية.

 

س - تدخـل الـجمهورية السوريـة اليوم في طـور جديد من أطوار الانقلاب هو طور توطيد الانقلاب فما رأيكم في الانقلاب وبطله؟

 

ج - أريد بهذه الـمناسبة أن أوجه بواسطة جريدتكم الزاهرة تـحية خالصة إلى قائد الانقلاب الذي أنقذ معنويات الـجيش السوري وخلّصه من الفوضى وتلاعب الـمتحكميـن الـمفسدين، ومحا التخاذل وضرب على أيدي تـجار السياسة، فحركته الـمباركة التي أسبغت على الشعب، من فوق من الـحكم، القوانين الإصلاحية التي ألغت التفاوت الـحقوقي في الشعب، وعززت الـجيش، وطبَّقت التشريع الـمدني، كانت انتصاراً عظيماً للمبادىء التي تكوّن محور إيـماننا.

 

لا شـك عنـدي في أنّ إقبال الشعب على تأييد الانقلاب الكبير سيكون عظيماً بقدر ما كان عظيماً يأسه من الـحكم الـماضي، وإني أتـمنى للقائد الظافر النجاح في عهد الاستقرار والبناء الـجديد، وإنّ تـمنياتي هي تـمنيات جميع القومييـن الاجتماعيين الذين يعملون ويصارعون لانتصار القضية القومية الاجتماعية التي ظهر لها هذا البطل.

 

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro